أبو رامز عضو مشارك
عدد الرسائل : 54 السٌّمعَة : 0 نقاط : 12084 تاريخ التسجيل : 10/05/2008
| موضوع: وعاد الأمل 5/17/2008, 9:07 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
كعادته استيقظ أحمد من نومه و أحس بذلك الأمل الذي يشعر به كلما أفاق من نومه، وكأن أضلعه كانت قد طويت فوق بعضها ،وذلك بسب طريقة نومه التي يأسف الجميع لرؤيتها لكن لم يحاول أحد تغيرها في ذلك الركن المظلم من الزقاق يضع تحته قطعة من ورق ،ويلف نفسه في محاولة لجلب الدفء لجسده وينام ، الأرض فراشه والسماء غطاؤه .
تعود أحمد فعل ذلك منذ سنة تقريباً بعد وفاة والديه في حادث سير مروع وكان وحيداً لوالديه ،والنتيجة أنه وجد نفسه في وسط هذا البحر من الناس وحيداً لا يعرف أحداً .
كان والداه قد سافرا منذ سنين من قريتهما وحضرا إلى المدينة بحثاً عن حياة أفضل حيث المسكن والعمل وظروف الحياة الجيدة ، ولم يكن لهم أقارب في تلك المدينة، يسكنون في بيت بسيط يدفع إيجاره كل شهر وهو منذ حدث ذلك، تراه يدور في الشوارع لا يعلم إلى أين تأخذه قدماه ، ذلك الطفل ذو الأعوام العشرة تراه كرجل تجاوز الستين يحمل هموم الدنيا على أكتافه .
لم يكن يعرف إلى من يلجأ وممن يطلب المساعدة ،يمضي يومه متنقلاً من دكان إلى أخر ومن بسطة إلى أخرى يستغل انشغال البائع بالتحدث مع زبون فلتلقط يده البائسة الصغيرة ما يستطيع أن يسد به رمقه..
في بعض الأحيان كان يشعر هذه اللقيمات التي يحصل عليها رطبة هنيئة وأحياناً يشعر كأنها نار تلتهم جوفه.
بعد أن تتعب قدماه من كثرة المشي والتجوال يجلس منطوياً على نفسه في زاويته المعهودة يتساءل ويتساءل ولكن لا يجد في نفسه تلك الأجوبة التي يريدها يشعر كأنه غارق في بحر من التساؤلات التي لا إجابة لها ، يتساءل لماذا كتب لي هذا القدر ؟ لماذا أنا مشرداً وغيري ينعم في بيوت ملؤها الدف والحنان ؟.
لماذا ينعم غيري من الأطفال بحياة رغدة وأنا أحيا تلك الحياة البائسة ؟ما ذنبي أنا حتى كتب لي أن أعيش مشرداً ، ثم يصل إلى نقطة يشعر بأنه لا يستطيع مواصلة التفكير في هذا الأمر فيسرح بفكره بعيداً ويرى نفسه طفلاً مدللاً يعيش في بيت كبير واسع يلعب ويمرح فيه يطلب ما يريد ويفعل ما يريد ، لطالما حلم بأن يكون كباقي الأطفال يحتفل بالعيد كأي شخص آخر بأن يحضر له والده ملابس العيد الجديدة أن يستيقظ على صوت المسجد مكبراً مهلاً ،أن يلعب ويمرح في الشوارع في الطرقات أن يحيا كغيره من الأطفال كأس السعادة التي طالما تمناها .
ثم يفيق فجأة على صوت بائع متجول يصرخ بأعلى صوته معلناً عن بضاعته ينهض ثانية على قدميه عاد التجول في السوق مراقباً هذا مرة وذاك أخرى وهو يشعر بعجلة الروتين الممل يسير ببط فميت أكثر من أي شخص أخر .
ثم وجد نفسه أما مدرسة ابتدائية لم يدر كيف وصل لها فقد كان في دوامة من التفكير في أمره وحياته راقب باهتمام الطلاب من نوافذ الفصول العليا للمدرسة
حاول تسلق الجدار رغبة في دخول المدرسة ورؤية التلاميذ عن كثب تذكر نفسه آخر مرة ذهب فيها للمدرسة بعد وفاة والديه بيومين ثم أقلع عن ذلك لأنه شعر أن ذهابه للمدرسة يومياً دون فائدة ولن يحقق ما يريد ،ذهابه للمدرسة لن يعيد أهله الذين رحلوا دون عودة ولا بيته الذي كان يسكنه مع أسرته بالأجار ولكن لن يكذب شعوره أو يتجاهل ذلك الهيجان الذي في داخله بأنه يشعر بالحنين للمدرسة لكراساته وكتبه وذلك المقعد الخشبي الذي حفر عليه اسمه ذات يوم بإبرة فرجاره.
انتزعه من أفكاره صوت غليظ يصيح في وجه يطلب منه النزول عن الجدار حاول أحمد الإفلات من ذلك الرجل الذي أصر على أخذه إلى مدير المدرسة لكن لم يفلح ، قاده البواب أمامه وأدخله غرفة المدير قائلاً له أنه وجده متسلقا جدار المدرسة .
كان يرتعش خوفاً وهو ينظر إلى ذلك الرجل الجالس خلف المكتب واضعاً نظارتيه الكبيرتين على عينيه.
لكن صوت ذلك الرجل جاء خلافاً ما توقع تماماً جاء صوتاً هادئاً حنوناً قلب الخوف عفي نفسه راحة واطمئنان ، بادر المدير بسؤال إن كان من طلاب هذه المدرسة فأجاب نافياً وقال بأنه ترك المدرسة منذ وقت طويل ،ثم توالت الأسئلة التي توقع أن يسألها عن أهله وعن نفسه وعن عمله وغير ذلك ،فأجاب بما كان يجيب نفسه به كل يوم عندما تبدأ في داخله تلك المعركة من التساؤلات التي لا تنتهي .
ولكن المدير لم ينفذ صبره واستمع لكل كلمة نطق بها شفتاه وشعر بمدى الألم الذي يعتصر ذلك القلب الصغير وهو يروي مأساة حياته اليومية، ثم عرض المدير على أحمد المساعدة ولكن بشرط أولاً يجب عليه العودة للمدرسة وهو سيتكفل بكل شيء بسكنه وتكاليف دراسته .
قال إنه لديه طفل في مثل عمره تقريبا وسيسمح له بالسكن عنده وأنه سيوفر له مصروفه يومياً كولده، إلا أنه انتفض بكل قوة وعنف صارخاً في وجه أنا لم أطلب صدقة من أحد أفضل الموت جوعاً وحياة التشرد على أن أطلب من أحد صدقة ،هدأ من روعه أولا ثم قال بأن ما يعرضه عليه ليس صدقة إن حياة التشرد التي يحياها لن تؤدي به إلا هاوية الانحراف والفساد .
كيف ستنتهي حياته لو ظل مشردا ضائعاً لا هدف ولا مستقبل لا عمل ولا مهنة ستكون نهايته إما أحد أقسام الشرطة أو في ذلك الصندوق المظلم الذي نوضع فيه جميعاً تحت الأرض بسب طعنة في مشاجرة لصبيان فاسدين أو حقنة تحمل سماً داخلها أو حادثة انتحار شنيع ،.أيهما يفضل أن تكون نهايته تلك أو الأولى ،كان لأول مرة في حياته كان عليه أن يختار لم يختر شيئاً في حياته السابقة لم يختر موت والديه ولم يختر أن يتشرد في الشوارع بعد استراد صاحب البيت لبيتهم ولم يختر أن يترك المدرسة، ولم يختر أن يحيا هذه الحياة ، ولكنه اليوم وجد نفسه أمام اختيارين ،إما أن يختار أن يكون كما كان يحلم دائماً ويقر ر أن يحيا كما أراد دوماً أو يبقى ذلك البائس الصغير الذي تعودت أزقة الشوارع على أن يتجول فيه يومياً ثم ينتهي يومه بأن ينام في أحد زواياها.
أن يختار أن يعيش في دفء ذلك السرير الذي يلجأ إليه في ليالي الشتاء الباردة أو أن يشعر بالبرد ينخزه في كل جزء من جسده وهو يحاول أن يغطي جسده بقماشة حصل عليها من أي مكان .
أن يختار بين أن يتناول طعاماً نظيفاً هنيئاً أو بعض لقيمات التقطها من إحدى البسطات أو بقايا طعام يلقي بها أحدهم إليه بين أن يرتدي ملابس جديدة نظيفة وأن ينتعل حذاءً جديداً أو أن يبقى بتلك الملابس الرثة والحذاء المهتري ،بين أن يكون ذلك المشرد التائه في كل شارع وزقاق وبين طالب مجتهد يحمل حقيبة بها كتبه ذاهباً لمدرسته وعائداً منها .
بين أن يكون كأي طفل أخر يحق له اللعب مع الأولاد أو أن يكون ذلك المهمش المحروم من كل شي حتى من اللعب.
أن يكون كزهرة في بداية طلوعها لتكون ثمرة يهنئ بها الجميع أو أن يكون ورقة بائسة تنتهي حياتها بقدوم الخريف ثم تداس بالأقدام وضع الحقيقة بين عينيه يجب أن يقرر نعم يجب أن يقرر. | |
|
الموجه الهادئة v_i_p
عدد الرسائل : 322 السٌّمعَة : 0 نقاط : 12183 تاريخ التسجيل : 23/04/2008
| موضوع: رد: وعاد الأمل 5/17/2008, 2:12 pm | |
| قصة جميلة ومفيدة ،،،، مشكور اخوي علي هالمشاركه الرائعه .... تحياتي .... أم أيمن .... | |
|
bassem المشرفون
عدد الرسائل : 147 السٌّمعَة : 0 نقاط : 12116 تاريخ التسجيل : 24/04/2008
| موضوع: رد: وعاد الأمل 5/17/2008, 9:34 pm | |
| | |
|